قبل 66 عاما انتصرت ثورة 23 يوليو للفقراء والمطحونين في هذا المجتمع المصري، لتقيم حكما يراعي مصالح الأغلبية العظمى من الشعب المصري، رافعة شعاراتالقضاء على الإقطاعوعلى الاستعمار والقضاء على سيطرة رأس المال على الحكم وإقامة جيش وطني قوي، وإقامة عدالة اجتماعية، وحياة ديمقراطية سليمة.
وسعت الثورة خلال سنواتها أن تحقق الكثير من مبادئها، صحيح أن بعض الأمور سقطت في الطريق، مثل الديمقراطية، والتي ظلت محل سر، في ظل أولويات حاكمة لبعض الأمور، وظروف قهرية من وجهة نظر الثوريين أنفسهم، ولكن ظل الإنحياز للفقراء والوطن والمجتمع و"الغلابة" في هذا الشعب هم رقم واحد.
وهذا ما جسدته العديد من القوانين والقرارات التي قامت على أساسها الثورة، مثل الإصلاح الزراعي، والتأمين الصحي، وقرارات تتعلق بتأسيس صناعة وطنية، والإهتمام بالعامل والفلاح في أشكال عديدة، والإهتمام بالقرى والمهمشين في الأرض، وسارت الثورة في اتجاهات عديدة سعيا لتحقيق محور مهم يتعلق بالعدالة الإجتماعية.
وعلى مر الأيام والتواريخ وبعد سنوات الثورة الأولى، تغيرت وتبدلت الأمور، وتنوعت الأولويات في المجتمع السياسي، والحكومات، لتسقط مجددا بعض الإهتمامات لتتحول من الفقراء للأغنياء، وتصبح القرارات تصب في جيوب المليونيرات، بينما تقتل حاجات الطبقات الشعبية والفقيرة.
ووصل الأمر أن تعلن الحكومات ذلك صراحة، ونتذكر هنا تعبير مقولة "أن منلميغتن في عهدالسادات، فلنيغتنيأبداً"، وتتواصل السياسات التي تعكس هذا المفهوم، لتضيع معه كل الآمال في أي أفق للعدالة الإجتماعية.
ولم تتوقف أحلام الناس في العدالة الإجتماعية، فقامت ثورة 25 يناير تحت شعار "عيش – حرية – عدالة اجتماعية"، ومن بعدها جاءت 30 يونيو، في مسعى لتحقيق ذات الشعار، لتحقق أحلام شعب ما زال يسعى للحرية والعدالة الإجتماعية، ولكن الواقع مازال مؤلمًا، ومازالت الأحلام بمبادئ 23 يوليو حلم شعب من 66 عاما، ... وظني أن الأحلام لا تموت.
**البكباشي يوسف صديق... من أهم من حدث هذا العام في الإحتفال بذكرى ثورة يوليو، هو عودة الحق لأصحابه، بقيام الرئيس عبد الفتاح السيسي بمنح قلادة النيل إلى اسم المرحوم يوسف صديق عضو مجلس الثورة، بعد سنوات من ضياع هذا الحق لسنوات طويلة، تحت واقع خلافات سياسية، لم تطل يوسف صديق فقط، بل طالت أيضا المرحوم خالد محي الدين عضو مجلس قيادة الثورة، والذي أنصفته الدولة بعد ثورة 25 يناير لينال هذا التكريم بالحصول على "قلادة النيل" والتي حصل عليها كل أعضاء مجلس قيادة الثورة، ليصبح "يوسف صديق" أخر من نالها، بعد العضو قبل الأخير "خالد محي الدين".
ومن لا يعرف البكباشي يوسف صديق، فهو الذي أنقذ الثورة من الموت، حيث كان قائد كتيبة "مدافع الماكينات" في قاعدة الهايكستيب آنذاك، عندما حدد جمال عبد الناصر ساعة الصفر في تمام الثانية عشر مساءً، و تم تغييرها ليصبح الواحدة منتصف الليل، وذلك دون التمكن من إبلاغه بموعد التحرك الجديد، ليتوجه بعدها صديق لمقر القيادة العامة للجيش المصري ويعتقل قائد الجيش المصري، بعد أن أصر على إتمام التحرك على الرغم من طلب ناصر رجوع الكتيبة للوحدة مرة أخرى والتحرك في الواحدة، وسيطر البكباشي على مقر الجيش ونجحت الثورة، ليصبح بعدها "يوسف صديق" هوالمنقذ الوحيد لثورة 23 يوليو المجيدة.
--------
بقلم: محمود الحضري